الموقف القانوني

قرار التمديد لليونيفيل: لُبنة أميركية لاتفاق بين لبنان وإسرائيل من بوابة الحدود البرية

قرار التمديد لليونيفيل: لُبنة أميركية لاتفاق بين لبنان وإسرائيل من بوابة الحدود البرية
صوت مجلس الأمن الدولي أمس بالإجماع على القرار رقم 2749 الذي قضى بتمديد مهمة قوات الـ UNIFIL لسنة إضافية. وفور صدوره، وفي طقس بات سنويا، خرجت أبواق التمجيد للإنجاز الكبير للدبلوماسية اللبنانية، التي وما إن تّصمُت حتى تبدأ بالظهور الإعتلالات الإضافية المستجدة في قرار التمديد، لتليها الاتهامات بالتقصير بين هذه الجهة وتلك. و “إنجاز” هذا العام، ككل إنجاز مثيل سبقه، لم يكن من الوجهة المهنية يستدعي أي تعليق. ولكنه أكثر من أي “إنجاز” سابق مثيل، يستدعي التحذير من الآثار القانونية التي مهَّد لها، وهذه المرة ليس من باب حرية الحركة التي عرف الجيش والمقاومة بحكمتهما كيف يلغيا مفاعيلها، وإنما من باب إلغاء المرجعيات القانونية الدولية للموقف اللبناني في موضوع الحدود البرية، ووضع التفاوض الرسمي المباشر مع العدو على الطاولة أكثر من أي وقت مضى.
والإشكالية الأكبر في قرار التمديد لهذا العام هي إسقاط الصيغة المعتمدة في القرار 1701، والقرارات الدولية ذات الصلة بالحدود الجنوبية السابقة له، وقرارات التمديد اللاحقة للـ UNIFIL، والتي كانت تقوم على تأكيد المجلس على دعمه لسيادة لبنان واستقلاله في حدوده المعترف بها دوليا، والمعبّر عنها في “اتفاق الهدنة لعام 1943 بين لبنان وإسرائيل”، الاتفاق الذي ينص على أن خط الهدنة يتبع خط الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين. وقد استُعيض عن هذه الصيغة في قرار التمديد لهذا العام بصيغة الدعم لسيادة لبنان واستقلاله على أساس المبادئ والأطر التي يقررها القرار 1701، وشتان في الأسباب والمدلولات بين الصيغتين. وقد تم هذا الأمر بناء للموقف الأميركي رغم الاعتراض الجزائري، والغاية السياسية المباشرة منه “هي منح إسرائيل هامشا أكبر للتحرك والمناورة في المفاوضات التي يقودها المبعوث الأميركي هوكشتاين بشأن الحدود البرية”.
ومن الناحية القانونية فإن الصيغة السابقة، وباختصار شديد، كانت تشكل المرجعية القانونية الدولية الوحيدة لإلزام إسرائيل بحدود فلسطين المحتلة كحدود رسمية لها مع لبنان على أساس الاتفاق الموقع بين الانتدابين البريطاني والفرنسي عام 1923. فمعلوم أن اتفاقات الهدنة هي اتفاقات مؤقتة، وهي ليس بالأصل اتفاقات ترسيم حدود، وفوق ذلك فإن إسرائيل قد أعلنت بعد حرب العام 1967 أنها لم تعد ملزمة بها تجاه جميع الدول التي كانت قد وقعتها معها (مصر- الأردن- سوريا- لبنان)، وانتقلت الى المرجعية التي أقرها القرار 242 وفق معادلة الانسحاب “من أراض احتُلَّت” مقابل الأمن والسلام، وذلك على أساس اتفاقيات ثنائية توقعها معها الدول العربية.
أي بمعنى مباشر يفتح هذا الإلغاء الباب على أنه لا حدود دولية معترف بها بين لبنان وإسرائيل، ولا حتى مرجعية قانونية ملزمة لذلك باعتبار أن اتفاق العام 1923 ليست إسرائيل طرفا فيه إذ لم تكن حينها موجودة، ولا باب لإلزامها به حيث لا تعتبر نفسها دولة وريثة لفلسطين الانتداب. ومن أجل ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يكون لا بد بالنتيجة بحسب القانون الدولي من اتفاقية ثنائية بين الدولتين، وهنا دور الوسيط الأميركي.
والى دلالة مثل هكذا اتفاق لناحية الاعتراف القانوني بدولة الاحتلال، ومآلاته، فإنه مع غياب المرجعية القانونية يفتح الباب على مصراعيه من أجل ترسيم وتحديد هذه الحدود من شبعا حتى الناقورة، بدل أن كان الخلاف اليوم محصورا بالتحديد كعمل تقني على أساس مرجعية قانونية، وتسقط بالنتيجة الحجية القانونية للنقاط المتحفظ عليها من قبل لبنان على طول الخط الأزرق، ويفتح الباب بشأنها، وهذا إذا حّسُنت نوايا الوسيط الأميركي الى طرح “المبادلة” الذي روج له الأخير طويلا، ولا سيما في نقطة B1 في رأس الناقورة وتداعيات ذلك على الحدود البحرية.
ولذلك لا بد أن يُسارع لبنان الرسمي الى انجاز فعلي، هو في الواقع هو أقل الواجب؛ أن يرسل الى مجلس الأمن مذكرة يعلن فيها تحفظه على الصيغة الحالية، وإصراره على العودة الى الصيغة السابقة، وأنه ليس ملزما بها ولا بأية نتائج قد تترتب عليها، وأن يراسل بهذا الشأن أيضا قوات الـ UNIFIL نفسها على أساس تحديد نطاق مهامها. ويبقى السؤال كيف مرَّ هذا التعديل في ظل كل هذه البطولات التي نسمع عنها منذ صدور قرار التمديد؟ وهل كان بالاتفاق معنا؟ ومن يحاسب؟!
ILF Agency
شبكة قانونية متخصصة بقضايا الصراع مع العدو الإسرائيلي

زر الذهاب إلى الأعلى